بقلم الدكتور : عبد القادر زينل
المرحوم عميد الشرطة شكيب عبدالوهاب وهو من أبناء الكرخ، مارس الرياضة في شبابه وهو طالب في ثانوية الكرخ ضمن فريقها لكرة السلة الذي كان يتصدر البطولات المدرسية السنوية الرياضية، كما لعب ضمن فريق نادي المنصور الرياضي الذي يقع على ضفة نهر دجلة في المنطقة المحصورة ما بين جامع القمرية وثانوية الكرخ ومدرسة التربية الاسلامية بالكرخ.
قصة افتتاح نادي المنصور في سوق الجديد
عن نادي المنصور وروّاده:
في حدث فريد من نوعه اعلن في الكرخ عن تأسيس ناد رياضي في بناية قديمة تقع على ضفاف نهر دجلة الخالد وخلف بناية إعدادية الكرخ للبنين وكان افتتاح النادي حدثا كبيرا ومثيرا بين اوساط المجتمع الكرخي المحافظ الذي يبدو انه كان رد فعل على خلفية مشاركة المنتخب العراقي لكرة السلة في اولمبياد لندن عام 1948 أضافة الى وجود العديد من وجهاء المنطقة انذاك اللذين ساهموا في دعم وتشجيع الرياضة معنويا وماديا مما دعى الى مسارعة شباب الكرخ للانتماء اليه والمشاركة بنشاطاته الرياضية, مما يؤكد موروث الوعي الرياضي للمجتمع العراقي منذ تلك الفترة وقبلها بكثير .
ويذكر بهذا الصدد الرائد السلوي المبدع الخلوق (مهدي احمد) صديق العمر وهو أحد أهم ابطال ومشاهير لاعبي كرة السلة الذي مثل منتخبات العراق الوطنية والعسكرية لفترة طويلة الذي ولد في محلة الشواكة وعشق كرة السلة منذ صباه ثم انتماءه لنادي المنصور عام 1954 في كتابه الموسوم ( نصف قرن في رحاب كرة السلة العراقية) ) الذي صدر عام 2005 ( ان نادي المنصور الرياضي كان قلعة كرة السلة الكرخيه والبغدادية الى جانب نادي الاعظمية ثم نادي الهواة لاحقا حيث كان للاستاذ والمربي والمدرب القدير ( يوسف البازي ) اضافات نوعية جديدة ولمحات فنيه حديثة في طريقة واسلوب ومهارات اللعب الفردية والجماعية استهوت عشاق كرة السلة وبفضل تعليماته وتمارينه المنهجية التي كان يستخدمها في نادي المنصور استطعت ان اتدرج في كرة السلة لاعبا اساسيا في كافة المنتخبات العراقية والاندية السلوية لاعبا ثم مدربا لعدة فرق , ونحن بصدد الكابتن مهدي احمد ولتاريخه الرياضي الناصع والمشرف فقد خصصنا وبكل اعتزاز حلقة عنه والمرحوم نزار بهاء الدين احد اعمدة كرة السلة الشرطاوية والعسكرية والوطنية ضمن سلسلة – ذكرياتي مع الاوفياء التي تنشر تباعا على صفحات جريد المدى الغراء .
ولابد هنا ان نستشهد كمصدر موثوق بخبير كرة السله العراقية وارشيفها المتوارث عبر العقود بل القرون الاستاذ والمعلم القدير ناكر الذات (علي الصفار): كنا نشهد اجمل المباريات السلوية عندما يلتقي ناديي المنصور والاعظمية، وقد شهد عام 1958 بطولة نظمها نادي الاعظمية باشراف اتحاد كرة السلة العراقي بين الناديين المذكورين استمتع جمهور كرة السلة بذروة لقاءات الاثاره بين ناديي المنصور والاعظمية، انتهى اللقاء الاول بفوز الاعظمية بفارق تسع نقاط وفي اللقاء الحاسم الذي جرى على الملعب الليلي المبلط الجديد لنادي قريش الكاظمي فاز نادي المنصور الكرخي بفارق سبع نقاط واستحق الكأس امام جمهور محتشد تجاوز عدة الاف بقي ضعفهم خارج الملعب لضيق المكان، شارك معظم لاعبي الناديين بهذا اللقاء واذكر منهم من نادي المنصور (مهدي احمد، احمد الحجية، فالح اكرم فهمي، طارق حسن (حرامي بغداد )، فوزي عسكر، شكيب عبدالوهاب، ولاعبان شقيقان من مصر هما شاكر وحسين مرسي، صبري زلال ) ومن الاعظمية كل من ( وائل الكسار، عدنان الدوري، سهيل النقيب، شعبان جاسم، كريم المشهداني، الاخوين مانو وشوقي جرجيس، ابراهيم حكمت سليمان).
مرحلة جديدة للمرحوم شكيب ! انتقل المرحوم شكيب عبدالوهاب من نادي المنصور الى نادي الكرخ الرياضي الذي كان من الاندية العريقة بكرة السلة وشكل هذا الانتقال مرحلة جديدة في سيرة المرحوم شكيب ، بعد دخوله الى كلية الشرطة الذي اصبح أحد أعمدتها بكرة السلة وفي نادي الشرطة، كان له حضور دائم ومتميز كلاعب اساسي يعتمد عيه الفريق في البطولات المحلية والعربية بسبب قامته الفارعة وحركته الخفيفة، وفنون اللعب التي يجيدها.
شكيب عبدالوهاب اشتهر بين احبابه وزملائه بالوداعة واللطف، وحسن الخلق، وللامانة كان جاداً وحريصا في عمله لا يجامل احد على المصلحة العامة لانه كان نزيها وقنوعا ولايحب المظاهر وقد واكبته في تلك الفترة شخصياً.... ورغم جديته وانضباطه الا انه كان متواضعا ولا يخلو من الطلافة والنكته، التي يطلقها بعفوية وسجية .
في كلية الشرطة نتذكر المرحوم شكيب كضابط العاب متميز قبل انتقاله الى مديرية العاب الشرطة : فألى جانب عدد من الضباط الرياضيين الذين رفدوا الكلية بخبراتهم ومساهماتهم الفنية والادارية ، أسهم هو الاخر في اعداد وتاهيل الفرق الرياضية للكلية والنهوض بها التي ابتدات كأسم (مدارس الشرطة) منذ 1945 ثم تحولت الى اسم كلية الشرطة عام 1966 مع صدور قانونها الجديد المتطور.
بعد اعتزاله اللعب مارس العميد شكيب التدريب فترة من الزمن ليست طويلة، ثم اعتزل الرياضة نهائيا بسبب تقدم العمر وتراجع حالته الصحية، وتلك هي ضريبة الرياضيين لقاء ما يقدموه لوطنهم من عطاء وجهد خلال سنوات شبابهم.
غادرنا شكيب إلى دار البقاء وما سمعت بخبر وفاته إلا بعد فترة من الزمن بسبب ظروف الاغتراب والابتعاد عن الوطن، وهذه ضريبة أخرى وفاجعة أن يموت الكبار والعمالقة وسط ضجيج النسيان، وإهمال أدعياء قيادة الرياضة في البلد لأبسط متطلبات الوفاء للرعيل الأول من الرواد المضحين بشبابهم من أجل الوطن وسمعة العراق...
شكيب عبدالوهاب باق في قلوب أحبابه، وليس بأيدينا إلا تذكره والترحم عليه ونسأل الله أن يسكنه فسيح جناته.. ويرحم كل الرواد الذين بذلوا العطاء من أجل العراق، لان العراق يستحق الكثير وينتظر من الشرفاء والمخلصين ما هو اكثر .
تعليقات
إرسال تعليق