الذكريات روافد تصب في مسار الحياة.. يسقط منها ما قد يؤثر سلباً في المسار، ويترسب منها في وعاء الذاكرة ما يؤثر إيجابا في مسارنا الطويل فيتحقق ما يقوله الشاعر: ( إن الذكريات هي معنى العمر في هذه الحياة) وفي سواقي الذاكرة رجال ساهموا بهذا القدر أو ذاك في بناء صرح الرياضة وافاق تطورها .....نرفعهم في بيارق الذاكرة وفاء لهم ولما قدموه ..هذا الوفاء هو الرابط الإنساني الذي يبقى يذكرنا بالمقولة: (من علّمني حرفاً ملكني عبد اً )
إلى هؤلاء جميعاً احني رأسي تقديرا , والى ذكراهم أقدم لهم كلماتي التي يحكيها القلب والضمير عبر (المدى الرياضي )
دكلص عزيز ....او كما يحلو للبعض تسميته بجنرال خط الوسط
بالصدفة يتحول من لاعب كرة سلة متميز الى لاعب كرة قدم ؟؟
زوجته ام زيا كانت وراء شهرته ... حقا وراء كل رجل ذو مكانة أمرأة !!
يمتلك وهو لاعب مقدرة ميدانية وذهنية مما دعاني ان استانس برأيه احيانا...
سيرة دكلص عزيز الذاتية...
من مواليد 1942 في مدينة الحبانية التابعة اداريا الى محافظة الانبار والتي تميزت بكثرة ملاعبها النظامية الجميلة التي تحيطها الاشجار الشاهقة و تعتبرملاعب الحبانية في ذلك الوقت افضل بكثير من الملاعب الاخرى سواء في بغداد أوالمحافظات الاخرى وان سبب ذلك يعود الى ان مدينة الحبانية من السابق كانت قاعدة جوية للانكليز وان الملاعب جزء من الاهتمام والادامة التي تحظى بها منشئات تلك القاعدة , ولوجود تلك الملاعب ازدادت الرغبة لقاطنيها لممارسة لعبة كرة القدم لان الاجواء الرياضية الكروية المتاحة جعلت من مدينة الحبانية وكانها نادي او مدرسة متخصصة في كرة القدم وبالفعل برز العديد من اللاعبين ذوي المواهب الكروية ومنهم دكلص عزيز ومن قبله النجوم المعروفين عمو سمسم ويورا والمرحوم عموبابا وزيا وارام كرم ومنول بابا والاشقاء شدراك وعمو يوسف وكلبرت اويقم وطرزان ولسن وهرمز وكلبرت سامي وغيرهم ... وكانت فرحتنا كلاعبين في منتخبات التربية او الاندية انذاك لاتوصف عندما كانت تتاح لنا فرصة اللعب في الحبانية ونستعد
لها بكل شغف كانها سفرة او مباراة خارجية لروعة تلك الملاعب ونجيلها كانه بساط اخضر ممتد باستقامة وارتفاع معين وبمقاييس نظامية لم نألفها في ملاعبنا المحدودة لربما لقلة الامكانات رغم سعة قاعدة اللعبة وشعبيتها وهذه حقيقة ...
تمتعه بامكانية ذهنية وميدانية....
امتاز الكابتن دكلص عزيز وهو لاعب بمقدرة ذهنية وذكاء ميداني وكان يطبق ما يطلبه المدرب منه بكل دقة لسرعة استيعابه خاصة الجانب الجانب الخططي واستيراتيجة اللعب وهذا يعني انه يمتلك ثقافتة كروية .
ان الفترة الزمنية المهنية الطويلة التي قضيتها كلاعب ومدرب ومديرا فنيا واداريا للعديد من المؤسسات الرياضية والمنتخبات الوطنية أن اكون بحكم تلك المسؤليات قريب من أغلب اللاعبين ولمختلف الفئات والدرجات والتعرف على صفاتهم الشخصية والتربوية, وقد لمست من خلال تلك التجربة ان هناك تفاوت واختلاف كبير في مستويات اللاعبين سواء النواحي الفنية أو التصرفات السلوكية الاخلاقية من عدة جوانب.
ولذلك فان لاغلب هؤلاء اللاعبين رؤية معينة بالنسبة لي لازالت احتفظ بقسم منها في الذاكرة رغم مرور فترة زمنية على تلك الاحداث... ويمكن تقسيمها الى صنفين , الصنف الاول: اطلقت عليهم اللاعبين النموذج في الالتزام من جوانب عدة واللذين يمتلكون قابلية التطور و الابداع ولهم أمكانية المحافظة على مستواهم الفني والسلوكي وهم قلة... .. والصنف الثاني: اللاعبين الجيدين ولكنهم ذو قابلية وأمكانية محدودة غير قابلة للتطوروليس لهم تطلعات أو طموحات اكثر مما وصلوا اليه وهم الاكثرية من اللاعبين....ويمكن اعتبارالكابتن دكلص من الصنف الاول فيما يخص الالتزام وقابلية التطور الذاتي خاصة الجانب الذهني , فبالنسبة للشق الاول الالتتزام كان حريص بمواعيد التدريب والمباريات , حيث لم اتذكر انه تخلف او تاخر بسبب اهمال او تبرير غير مقنع طيلة فترة لعبه وانا مدرب له سواء في الشرطة او المنتخبات العسكرية, اضافة الى عمله معي في مديرية الالعاب ونادي الشرطة عندما اصبح مدرباُ ومن بعدها اداري في تلك المؤسستين وقد تفوق ايضا تدريبياُ وادارياُ, مما حدى بنا ان نوكل له اكثر من مسؤلية ومنها عضو اللجنة المشرفة على بناء ملعب نادي الشرطة والذي سناتي الى التطرق اليه...
.
أغلب ابطال الشرطة ساهموا في بناء صرحهم ودكلص من الاوائل..
عندما اتجهت نيتنا لبناء بيت للشرطة ولفريقها الجماهيري وهو الملعب, كانت تواجهنا معضلتين الاولى مادية حيث ظروف البلد الاقتصادقية أنذاك وثانيا صعوبة استحصال الموافقات الرسمية التي ينبغي ان تمر عبر عدة جهات وهذا يستغرق وقتا طويلا , اضافتاُ الى عدم ضمان حصول تلك الموافقة .... ولذلك كان قرارالبناء صعب للاسباب اعلاه... وفي مساء احد الايام ونحن في الملعب ومعي الكابتن دكلص واثنين من رياضي الشرطة القدماء وهما عبد الزهرة عبود ورشيد حميد وطلبنا قياس المساحة المتوفرة في النادي بغية معرفة التفاصيل الاخرى للمباشرة رغم درايتنا كما ذكرت انفاُ بعدم وجود تخصيص المبلغ المطلوب وموافقات رخصة البناء وسألني في وقتها الكابتن دكلص عن التغطية المالية والنادي لايملك اي رصيد , لان في وقتنا عندما كنت رئيسا لمجلس ادارة النادي لم تكن هناك اية استقطاعات مالية من منتسبي الشرطة لتمويل ودعم نادي الشرطة كما معمول به الان من تخصيص مبالغ وفيرة من وزارة الداخلية لنادي الشرطة وبميزانية تقدر بالملايين ؟؟
اجابتي كانت لنبدء الان ونعتمد على امكانياتنا البسيطة المتوفرة وخبراتنا الادارية وعلاقاتنا الشخصية ودعم ومساندة المحبين للرياضة, وبالفعل قمنا مساء نفس اليوم – تاجيرحفارة - وباشرنا في اليوم الذي تلاه وكان لهؤلاء الفرسان الثلاثة دكلص وعبد الزهرة ورشيد دورا كبيرا ومهما في العطاء والرغبة الصادقة في العمل وكانه سكنهم حيث كانوا ناكري ذات مضحين بوقتهم وملتزمين بما كان يكلفون به وقريبين منا في كل صغيرة وكبيرة لتحقيق هذا الحلم الذي اصبح واقع ومفخرة لجميع رياضي الشرطة اللذين ساهموا ليس بأيديهم فقط بل بمشاعرهم وولائهم فيبناء صرحهم و كم كنت اتمنى ان اذكرهم جميعا وباسمائهم , رغم كثرة عددهم ولكنهم في القلب والوجدان فبارك الله بالجهود الخيرة والمخلصة التي لها بصمة وفاء .....
ماهي الصدفة التي غيرت مسار دكلص الرياضية ؟
الكثير من مشجعي نادي الشرطة الجماهيري لايعرفون ان الكابتن دكلص لاعب موهوب بكرة السلة وبدء حياته الرياضية لاكثر من لعبة منها السلة والطائرة والقدم ولكن الاساس بالنسبة له كرة السلة التي كان يعشقها اكثر من القدم حيث مارسها في مدرسة النظامية باشراف المدرس الكفوء والتربوي الاستاذ سالم حسن الذي حدثني في وقتها عن موهبة دكلص السلوية ودقته في التهديف من الرميات البعيدة التي كان نادرا ما يخطأها, ونتيجة لذلك المستوى تم اختياره في نفس السنة للعب ضمن منتخب تربية الرصافة وكان المدرب انذاك المرحوم حكمت الطائي الذي كان من افضل لاعبي منتخب العراق بكرة السلة وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه من المانيا وكان زميل دراسة في نفس المعهد في لايبزك وادعو الله ان يمنحنا العزيمة لكي نعطي هذا البطل ما يستحقه في حلقاتنا القادمة من ذكرياتنا مع الاوفياء, لما قدمه للحركة الرياضية في عدة مجالات ككابتن لمنتخب العراق بكرة السلة واكاديمي متميز واداري كفوء .
بعد بروز دكلص في منتخب التربية لعب ضمن فريق النادي الاثوري بكرة السلة الذي كان ضمن اندية الدرجة الاولى , وفي احدى مباريات النادي الاثوري مع الشرطة وتألقه في تلك المباراة الذي حضرها الراحل فهمي القيماقجي الذي كان انذاك مديرا لالعاب الشرطة الذ نعتبره رحمه الله استاذنا ومعلمنا, وبعد ان وجد في اللاعب دكلص موهبة سلوية عرض عليه اللعب ضمن فريق الشرطة كرة سلة وبالفعل انتقل من الاثوري للشرطة كلاعب سلة ؟ وكان فريق سلة الشرطة انذاك يضم خيرة اللاعبين وهم اخوة واعزاء لي امثال نزار بهاء الدين وفوزي عسكر والمرحومين شكيب عبد الوهاب ومجيد مصطاف وحكمت محمود وخليل ليلو وسامي وعبد الامير عطية والمرحوم غني .
وخلال وجوده مع فريق السلة نصحه ابن عمه لاعب الشرطة والمنتخب بكرة القدم المدافع المرحوم كلبرت سامي ان يتدرب معه لانه كان يجد فيه موهبة كروية ايضا , حيث ان كلبرت كان يلعب في فريق مدارس الشرطة وكنت احد لاعبي الفريق المذكور ومعنا المرحوم يونس حسين وجاسم ابو العواطف وجباب محمد ابو العورة وفانوس الاسدي ونوري ذياب وجوني والحارس عادل محمد وقاسم كاظم وكان ذلك عام 1961 وكان فريق مدارس الشرطة يمثل الشرطة في الدوري قبل صعود الاليات الى مصاف فرق الدوري الممتاز عام 1964
مشاعر الكابتن دكلص بعد اتصالي به بعد فراق السنين الطويلة ....
من المعروف عن دكلص هدوئه ودماثة خلقه وبعد بضع كلمات من الاتصال معه شدني حنينه وفرحته الصادقة ووفائه لمن ساهم في مسيرته الرياضية وهذا ما لمسته من خلال مشاعره العفوية التي لاتوصف خاصة بعد ان عرف الهدف من اتصالي... وانه أستحق المجهود الذي بذلناه من اجله معرفة عنوانه لكي نؤكد وبكل تواضع باننا كنا ولازلنا ننظر باحترام وتقدير الى من قدموا العطاء لبلدهم ونتذكرهم بكل شرف وننتشلهم من وادي النسيان فمكانهم في قلوبنا وضميرنا ... ولا والف لا لمن من يكيليون المديح حسب مصلحتهم الى اشخاص تبؤا مناصب لا تناسبهم؟ لان ماضيهم غير ناصع وايدي ليست بيضاء!! ودعني دكلص بكلمات الشكر والثناء على مبادرتنا التي غابت من البعض ؟ مؤكدا ان ما وصلت اليه من شهرة ومكانة كان بفضل زوجتي ام ستيلا بعد الله لانها وفرت لي ومنذ بدايتي الرياضية كافة الاجواء المطلوبة والراحة النفسية ..... وحقا وراء كل رجل ذو مكانة امرأة !! نتمنى لدكلص عزيز العمر المديد والصحة ولعائلته الوئام.
الدكتور
عبد القادر زينل
تعليقات
إرسال تعليق